(( فضل [الوقوف بعـَرَفـَة في يوم الجُمْعَة]
كما هو حاصل هذا العام ))
((ومِن هذا <تفضيله بعض الأيام والشهور على بعض> ..
فخير الأيام عند الله يوم النحر" وهو "يوم الحج الأكبر"،
كما في السُنن عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال :
*** [ أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القرّ ]..(ويَوْمُ القَرِّ هو يوم 11 من ذي الحجّة)..
<><> (وللعِلْم فإنّ يوم الـثامِن من ذي الحجّة أسمه "يوم الترْوِيّة"، والـتاسع"يوم عرفة"، والعاشر "يوم النحر" وهو[عيد الأضحى]، والحادي عشر "يوم القـرّ" ، والثاني عشر "يوم النفر الأوّل" ، والثالث عشر "يوم النفر الثاني")..
==> وقيل: يوم عرَفـَة أفضل منه.. وهذا هو المعروف عند أصحاب الشافعي
قالوا: لأنه يوم الحج الأكبر وصيامه يُكفـِّر سنتين،، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة ..
ولأنه سبحانه وتعالى يدنو فيه من عباده ثم يباهي ملائكته بأهل الموقف..
والصواب القول الأوّل..
لأن الحديث الدال على ذلك لا يُعارضه شيء يقاومه ..
<><> والصواب أنّ "يوم الحجّ الأكبر" هو يوم النحر لقوله تعالى : {{ وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر }}, سورة التوبة : 3 .
<><> وثبت في الصحيحين أن أبا بكر وعليا رضي الله عنهما أذنا بذلك يوم النحر لا يوم عرفة..
<><> وفي سنن أبي داود بأصح إسناد أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
***[ يوم الحج الأكبر يوم النحر ]..
وكذلك قال أبو هريرة وجماعة من الصحابة ويوم عرفة مقدّمة ليوم النحر بين يديه .. فإنّ فيه يكون الوقوف والتضرّع والتوبة والإبتهال والإستقالة..
ثم يوم النحر تكون الوفادة والزيارة ولهذا سمّي طوافه طواف الزيارة لأنهم قد طهروا من ذنوبهم يوم عرفة ثم أذن لهم ربهم يوم النحر في زيارته والدخول عليه إلى بيته..
<><> ولهذا كان فيه ذبح القرابين وحلق الرؤوس ورمي الجمار ومعظم أفعال الحج وعمل يوم عرفة كالطهور والإغتسال بين يديّ هذا اليوم .. وكذلك تفضيل عشر ذي على غيره من الأيام فإن أيامه أفضل الأيام عند الله..
==> وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
*** قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: [[ ما من أيّام العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام العشر..
قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟
قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلاّ رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ]]..
## وهي الأيام العشر التي أقسم الله بها في كتابه بقوله:{{والفجر *وليال عشر}} الفجر : 1 ، 2 ..
ولهذا يستحب فيها الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد
كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : [[ فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد ]]..
ونسبتها إلى الأيام كنسبة مواضع المناسك في سائر البقاع..
## فإن قيل فأيّهما أفضل : ((يوم الجمعة أو يوم عرفة)) ؟
==> فقد روى ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
*** [[ لا تطلع الشمس ولا تغرب على يوم أفضل من يوم الجمعة ]]
==> وفيه أيضا حديث أوس بن أوس:
*** [[ خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة ]]
<><> والصواب أنّ "يوم الجمعة" أفضل أيام الأسبوع ،،
<><> و"يوم عرفة" و"يوم النحر" أفضل أيام العام ...
^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^
<(!!!)> ولهذا كان <<لوقفة الجمعة يوم عرفة>> مزيّة على سائر الأيّام من وجوه مُتعدِّدة..
^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^
ــ أحدها : إجتماع اليومين اللذين هما أفضل الأيام..
ــ الثاني : أنه اليوم الذي فيه ساعة محققة الإجابة وأكثر الأقوال أنها آخر ساعة بعد العصر وأهل الموقف كلهم إذ ذاك واقفون للدعاء والتضرّع..
ــ الثالث : موافقته ليوم وقفة رسول الله صلى الله عليه و سلم..
ــ الرابع : أن فيه اجتماع الخلائق من أقطار الأرض للخطبة وصلاة الجمعة،، ويوافق ذلك اجتماع أهل عرفة يوم عرفة بعرفة،، فيحصل من اجتماع المسلمين في مساجدهم وموقفهم من الدعاء والتضرع ما لا يحصل في يوم سواه..
ــ الخامس : أن يوم الجمعة يوم عيد ويوم عرفة يوم عيد لأهل عرفة ولذلك كره لمن بعرفة صومه..
*** ثبت في الصحيح من حديث أم الفضل [[ أنّ ناساً تماروا (تجادلوا) عندها يوم عرفة في صيام رسول الله صلى الله عليه و سلم..
فقال بعضهم : هو صائم..
وقال بعضهم : ليس بصائم..
فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه ]]..
<> وقد اختـُلِف في حكمة استحباب فطر يوم عرفة بعرفة..
## فقالت طائفة : <<ليتقوّى على الدعاء>> وهذا هو قول الخرقي وغيره..
## وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : <<الحكمة فيه أنه "عيد لأهل عرفة" فلا يُستحبّ صومه لهم>>..
قال وإنما يكون يوم عرفة عيداً في حقّ أهل عرفة لإجتماعهم فيه بخلاف أهل الأمصار فإنهم إنما يجتمعون يوم النحر فكان هو العيد في حقـِّهم..
>>>> والمقصود أنه "إذا اتفق [يوم عرفة] و[يوم جمعة] فقد اتفق عيدان معا"..
ــ السادس : أنه موافق ليوم إكمال الله تعالى دينه لعباده المؤمنين وإتمام نعمته عليهم كما ثبت في صحيح البخاري عن طارق بن شهاب،، قال :
==> جاء يهودي إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ــ فقال : (( يا أمير المؤمنين!! "آية" تقرؤونها في كتابكم
لو علينا معشر اليهود نزلت، ونعلم ذلك اليوم الذي نزلت فيه لإتخذناه عيداً ))..
ــ قال : ((أي آيّة)) ؟
ــ قال : {{اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينا}}. سورة المائدة : 3 ..==> فقال عمر بن الخطاب : ((إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه
والمكان الذي نزلت فيه
نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم بعرفة
يوم جمعة ونحن واقفون معه بعرفة)).
ــ السابع : أنه موافق لـ"يوم الجمْع الأكبر" و"الموقف الأعظم يوم القيامة" فإنّ القيامة تقوم يوم الجمعة كما قال النبي صلى الله عليه و سلم :
*** [[ خير يوم طلعت عليه الشمس "يوم الجمعة" فيه خلق آدم، وفيه أُدخِل الجنّة، وفيه أُخرِج منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلاّ أعطاه إياه ]]..
<><> ولهذا شرع الله سبحانه وتعالى لعباده <يوماً يجتمعون فيه فيذكرون المبدأ والمعاد والجنة والنار> ،،وإدخر الله تعالى لهذه الأمة "يوم الجمعة" إذ فيه كان المبدأ، وفيه المعاد،
ولهذا كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في فجره سورتي ُ[السجدة] و [هل أتى على الإنسان] "لإشتمالهما على ما كان، وما يكون في هذا اليوم" من خلق آدم، وذكر المبدإ والمعاد، ودخول الجنّة والنار،،
فكان يُذكِّر الأمّة في هذا اليوم بما كان فيه وما يكون،،
<><> فهكذا يتذكّر الإنسان بأعظم مواقف الدنيا- [وهو يوم عرفة] - "الموقف الأعظم بين يديّ الربّ سبحانه" في هذا اليوم بعينه ولا يتنصف حتى يستقرّ أهل الجنة في منازلهم، وأهل النار في منازلهم..
ــ الثامن : أنّ الطاعة الواقعة من المسلمين "يوم الجمعة" و"ليلة الجمعة" أكثر منها في سائر الأيّام حتى إنّ أكثر أهل الفجور يحترمون يوم الجمعة وليلته ويرون أنّ من تجرّأ فيه على معاصي الله عزّ و جلّ عجّل الله عقوبته ولم يمهله،،
وهذا أمر قد استقرّ عندهم وعلِموه بالتجارُب وذلك لعِظَم اليوم وشرَفه عند الله،،
وإختيار الله سبحانه له من بين سائر الأيّام،،
ولا ريب أن للوقفة (فيه على جبل عرفات) فيه مزيّة على غيره..
ــ التاسع : أنـّه موافق ليوم المزيد في الجنة وهو اليوم الذي يجمع فيه أهل الجنة في واد أفيح وينصب لهم منابر من لؤلؤ، ومنابر من ذهب، ومنابر من زبرجد وياقوت، على كثبان المسك..
فينظرون إلى ربّهم تبارك وتعالى ويتجلّى لهم فيرونه عياناً،، ويكون أسرعهم موافاة أعجلهم رواحاً إلى المسجد وأقربهم منه أقربهم من الإمام،
فأهل الجنة مشتاقون إلى يوم المزيد فيها لما ينالون فيه من الكرامة، وهو يوم جمعة..
فإذا وافق "يوم عرفة" كان له زيادة مزيّة وإختصاص وفضل ليس لغيره..
ــ العاشر : أنـّه يدنو الرب تبارك وتعالى عشية يوم عرفة من أهل الموقف،
ثم يباهي بهم الملائكة
*** فيقول : [{بما أراد هؤلاء.. أُشهِدكم أنـّي قد غفرتُ لهم}]...
وتحصل مع دنوِّه منهم تبارك وتعالى "ساعة الإجابة" التي لا يردّ فيها سائلاً يسأل خيراً،، فيقربون منه بدعائه والتضرّع إليه في تلك الساعة،،
ويقرب منهم تعالى [نوعين من القـُرْب] (وهي) :
* أحدهما: قـُرب الإجابة المُحقـّقة في تلك الساعة،
* والثاني: قـُربه الخاص من "أهل عرفة" ومباهاته بهم ملائكته..
### فتستشعر قلوب أهل الإيمان هذه الأمور،، فتزداد قوّة إلى قوّتها ، وفرحاً وسروراًُ وإبتهاجاً ورجاءً لفضل ربِّها وكرمه،،
>>>> فبهذه الوجوه وغيرها فـُضِّلَت "وقفة يوم الجمعة" على غيرها (من الوقفات)..
<><><> وأمّا ما إستفاض على ألسِنـَة العوّام بأنها (أي وقفة يوم الجمعة) تعدل [إثنتين وسبعين حجّة] فـ (هو كلام مكذوب و) باطل، لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين..
---------------------------------------
فرحِم الله العلاّمة إبن القيِّم..
وتقبّل منـّا جميعاً عِباداتنا وصالح أعمالنا،، إنـّه سميع مجيب..
ــ وأن يُعيننا لطاعته وإتـِّباع تعاليم ديننا الحنيف على منهج حبيبنا النبيِّ مُحمّد صلّى الله عليه وسلّم..
وتقبّلوا جميل تحياتي ،،، المستشار محمد الأسعد