الأحد، 14 أبريل 2013

[(106)] (( قصّة العالِم الحكيم مع الملك العاقل ، وفوائد الرِفق ))

(( قصّة العالِم الحكيم مع الملك العاقل ،
 و
فوائد الرِفق ))
 
 
<(##)> نقل العلاّمة ابن الجوزي عن وهب بن مُنْبِه‏ هذه الحادثة المتضمّنة لمجموعة فوائد مهمّة، وخاصة بالنسبة للشباب والصبايا - جزاهم الله خيرا - الذين يحرصون على حمل لواء الدعوة الى الله تعالى وتبليغها بإندفاع شديد وبحماس كبير…
 ==> فقال رحمه الله:‏ (( إجتمع "الحواريّون" (اي تلامذة نبيّ الله عيسى عليه السلام) بعد رفعه للسماء ))،،فقالوا‏ : نريد أن نخرج (نرسل)"دعاة" في الأرض..
<(!!)> وكان
(الحواريّ)"نسطور" ممّن توجّه إلى (بلاد) الروم (اي بلاد الشام)‏ ، مع صاحبين له‏.‏.
<(!!)> فلمّا حبسته حاجة ، قال لصاحبيه‏ :‏ ((أرفقا ولا تحرقا ، ولا تستبطئاني‏))، (أي طلب منهما بأن يتابعا سيرهما الى البلدة القريبة منهم ويقومان بالدعوة الى الله تعالى ولكن بالحكمة والرفق واللّين وليس بالشدّة والغلظة والتسرّع ،، وأعلمهما بألاّ يقلقا عليه في حال تأخّر عليهما)..
 ==> فلما قدما "الكورة"(وهي
بلدة في شمال لبنان)، وإذا بالقوم في يوم عيدهم ، وقد برز "ملكهم" وأهل مملكته..
==> فأتاه الرجلان (المصاحبان للحواريّ) فقاما بين يديه،،
==> فقالا للملك (وبغلظة) :‏ ((إتـّق الله !! فإنكم تعملون بالمعاصي، وتنتهكون حرم اللّه (بالرغم من ان الملك وجماعته كانوا يعبدون الأصنام ولم تكن عبادة الله تعالى قد وصلتهم) )) .‏.‏
<><> فغضب الملك وهمَّ بقتلهما.. فقام إليه نفر من أهل مملكته فقالوا‏ : (( إن هذا يوم لا تُهرَق فيه دماء،، وقد ظفرت بصاحبيك ،، فإن أحببت أن تحبسهما حتى يمضي عيدنا ، ثم ترى فيهما رأيك ، فعلت)).‏.‏
<><> فأمر بحبسهما،، ثم ضُرِب على أذنه بالنسيان لهما حتى قدم" نسطور"،،

<(!!)> فسأل عنهما؟؟ فأُخبِر (من الناس) بشأنهما، وأنهما محبوسان في السجن..
<(!!)> فدخل عليهما فقال‏:‏ (( ألم أقل لكما [أرفقا ولا تحرقا]،،
<(!*!)> فهل تدريان ما مَثَََلكما؟؟ (( مثلكما مثل امرأة لم تُصِبْ واحدأ (أي لم تجد من يتزوّجها ويشاركها حياتها) حتى دخلت في السن (أي اصبحت في سنّ الشيخوخة) ،، فأصابت ولدًا (أي عثرت على من يتزوّجها ، ولكنه كان شابا صغيرا) ، فأحبّت أن يعجّل شبابه حتى يكبر ،، فحملت على معدته ما لا يطيق ، (أي أنها أرادته أن يكبر وينضج بسرعة ،، فقامت تطعمه.. وتطعمه .. وبلا توقّـّف ، من كل أنواع الأطعمة والأشربة والمغذّيات .. فلم تتحمّل معتدته أكثر من طاقتها) ، فقتلته )).‏.
 
==> ثم قال لهما ‏:‏ (( والآن فلا تستبطئاني حتى آتي إلى باب الملَك ‏)) ..‏
<(!*!)> فأتاه وقد جلس (الملك‏) للناس .. وكانوا إذا ابتُلوا بحرام وبحلال رفعوه إلى الملك فنظر فيه ،، ثم سأل عنه ما يليه ،، وسأل الناس بعضهم بعضًا ،، حتى ينتهي إلى أقصى المجلس‏ ( أي كان يستشير رعيّته في امور الدولة ) ..‏
<(!*!)> فجلس "نسطور" في أقصى المجلس.. فلمّا ردّوا على الملك جواب من أجابه،، ورّدوا عليه جواب "نسطور" فسمع الملك‏ بشيء عليه نور ،، وخلا في مسامعه (وهم خاصّته)،،
<><> فقال لهم ‏:‏ (( مَنْ صاحب هذا القول ))؟؟ ‏
  ==> قالوا‏:‏ (( الرجل الذي في أقصى المجلس (أي
"الحواريّ نسطور" ) )) ..
<><> قال :‏ (( علَيَّ به ‏)) .‏
<(!*!)> فلما جاءه (نسطور) ، قال ‏(الملك‏)‏ :‏ ((أنت القائل كذا‏..)) ؟؟‏
==> قال‏ :‏ (( نعم ))،،
==> قال (الملك‏)‏ ‏:‏ ((فما تقول في كذا وكذا)) ؟؟
<><> فجعل لا يسأله عن شيء إلا فسَّره له ..
==> فقال له الملك‏:‏ ((عندك هذا العلم وأنت تجلس في آخر القوم ؟!! ضعوا له عند سريري (أي عرشه) مجلسًا ‏)) .‏
==> ثم قال له‏ (الملك‏)‏ :‏ ((إن أتاك إبني فلا تقم له)) .. (أي لا تقم لأحد كائناً من كان .. وهذا من باب التعظيم والتقدير لعلمه ومكانته) ‏،، ثم أقبل على "نسطور" وترك الناس..
<(!*!)> فلما عرف (نسطور) أن منزلته قد ثبتت (عند الملك) ،،
==> فقال‏:‏ (( أيها الملك !! أنا رجل بعيد الدار،، فإن أحببت أن تقضي حاجتك منـّي، (اي إذا كنت تريد أي خدمة او مسألة فأطلبها مني ثم) فأذن لي فأنصرف إلى أهلي))..
 ==> فقال‏ ‏(الملك‏)‏:‏ (( يا "نسطور" ما إلى ذلك سبيل !! فإن أردتّ أن تحمل أهلك إلينا ، فلك المواساة ،، وإن أحببت أن تأخذ من بيت المال حاجتك فتبعث به إلى أهلك فعلت‏)).
 
==> فسكت نسطور‏.‏.ثم تخيّر يومًا مات لهم فيه ميّت،،
==> فقال: ((أيها الملك: بلغني أن رجلين أتياك يعيبان عليك دينك)) (وقصد صاحبيه ، وقد اراد بذلك ان يُعرّف الملك عليهما بشكل غير مباشر) .‏
==> قال فذكرهما (الملك وتذكّر بأنه كان قد أمر بسجنهما في يوم العيد)،،
فأرسل إليهما ،،
==> فقال‏:‏ (( يا "نسطور" أنت [ حَكَم ] بيني وبينهما ،، فما قلت من شيء إلاّ رضيتُ به)).
==> قال (نسطور)‏:‏(( نعم (موافق) أيها الملك))!!
<(!*!)> ثم تابع قوله ‏:‏ (( أيها الملك ؛ إجمع أهل مملكتك ، ثم قل لآلهتك : فإن كانت تقدر على أن تضرّ بهما (أي بالصاحبين) فليس أمرهما بشيء !!
وإن كانا يقدران على أن يضرّا آلهتك فأمرهما قويّ ، (أي أن هذا الحواري اراد ان يبرهن للملك على صدق وصحّة دين اتباع النبي عيسى عليه السلام)‏!!.‏
<><> فجمع الملك أهل مملكته ، ودخل البهو الذي فيه الآلهة ، فخرّ ساجدًا هو ومَنْ معه من أهل مملكته..

==>  وقاما (اي اصحاب الحواري نسطور) فتوضّآ،، ودعوا ربّهما..
<><> ثم رفع الملك رأسه وقال ‏(للآلهة) : (( إن هذين يريدان أن يُبَدّلا دينكم ويدعوا إلى إله غيركم ،، فإفقأوا أعينهم أو جدَّعوهما ))‏.‏
<><> فلم تردّ عليه الآلهة شيئًا،،،
<(!*!)> فقام "نسطور" وأمر صاحبيه أن يحملا معهما فأسآ ،،
==> وقال ‏:‏ (( أيها الملك !! قل لهذين‏ ( أي لصاحبيه) :‏ أتقدران على أن تضرّا آلهتي )) ؟؟
<><> فقال لهما(الملك)‏:‏ ((أتقدران على أن تضرّا آلهتنا))؟
==> قالا‏ :‏ (( خلّ بيننا وبينهم ))‏ !!!.‏
<><> ففعل ( أي سمح لهما بمثل هذه المعركة التي لم يكن يتوقّعها على الإطلاق.. فهي معركة بين شخصين ضعيفين ومسجونين،، وبين آلهة الملك صاحب الجاه والسلطان )!!
==> فأقبلا عليها ،، فكسراها ..
<(!*!)> فقال"نسطور"‏:‏ ((أمّا أنا فقد آمنت بربّ هذين)).‏
<><> وقال الملك‏ :‏ (( وأنا فقد آمنت بربّ هذين‏ )) ..‏
<><> وقال جميع الناس في مملكته‏: ((آمنا بربّ هذين))!!
<(!*!)> فقال "نسطور" لصاحبيه‏:‏ (( هكذا ( تكون ثمرة ) الرفق ))..‏                      ##########################
*** عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : [[ ‏إنّ الرفق لا يكون في شيء الا زانه‏ ،، ولا ينزع من شيء إلاّ شانه ‏]]‏. صحيح مسلم
*** وعنها رضي الله عنها أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ‏[[ يا عائشة‏ !!‏ ان الله رفيق يحبّ الرفق‏،،، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف‏،،،‏ وما لا يعطي على ما سواه‏ ]].‏ صحيح مسلم
*** وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏[[ ‏من حرم الرفق حرم الخير،،، او من يحرم الرفق يحرم الخير ‏]]‏‏.‏
صحيح مسلم
==> اي إن الله تعالى يُُعطي ويُثيب على الرِفق ما لا يُثيب على غيره‏ ..

==> وأنه يتحقـّق به من الأهداف ما لا يتحقـّق بغيره‏..‏
 

وتقبّلوا جميل تحياتي ،،، المستشار محمد الأسعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق