وقصّة خراب [بيت المقدس] بواسطة (بُختُنصّر) ،
وتفرُّق اليهود في البلاد))
<(!*!)> ذكر المؤرِّخون بأن النبي [إبراهيم]عليه السلام كان قد بنى <<المسجد الحرام>> في مكّة المكرّمة ، ثم وبعد 40 عام بنى <<مسجد بيت المقدس>> في فلسطين ، وكان بيتاً متواضعاً جداً في أوّل الأمر ..
<><> ثم جاء حفيده النبي [يعقوب] المُلقب بـ "إسرائيل" إبن [إسحاق بن إبراهيم] عليهم السلام فوسّعه وجعله "مسجداً" مُخصّصاّ للعبادة ..
<><> ثم وبعد اكثر من ألف عام جاء النبي[سليمان بن داود] عليهما السلام، فوسّعه كثيراً وجدّده وبناه بناءً مُحكماً وبديعاً، فأصـبح تُحفة نادرة بعظمته ورَوعته.. وصار حصناً منيعاً للمؤمنين يومئذ..
ــ ولهذا كانت كل الجيوش الغازية تحرص على هدم ما تستطيع منه ، مع العلم فإنّه لم يتجرّأ أي جيش على غزو بلاد "بيت المقدس" أو التفكير بذلك في زمن النبي [سليمان] عليه السلام ..
<><> وبعد وفاته عليه السلام بفترة كان اوّل من قام بغزو تلك البلاد هو جيش الملك العظيم [سنحاريب] ملك "بابل" اي ملك ملوك عصره ، وكان جيشه عظيم جدّا..
ــ ففزع الناس هناك وإستنجدوا بملكهم [(حزقيا)] وبنبيّهم [شعيا بن أمصيا] عليه السلام الذي قام فتضرّع الى الله تعالى ودعاه ليردّ كيد عدوِّهم في نحورهم وأن ينصر عباده المؤمنين على أعدائهم..
<><> فإستجاب الله تعالى له دعواته وأرسل الموت والهلاك على جيش عدوّهم ، ووقعت المفاجأة السارّة للجيش المؤمن حيث انتصروا من قبل ان تبدأ المعركة.. وأصبح "الجيش الذي لا يُقهر" وقد هلكوا كلّهم ((سوى ملكهم "سنحاريب" وخمسة من أصحابه كان منهم "بُختنصّر" الذي سيأتي ذكره)) فقد تمّ أسرهم وجُعِلوا في الأغلال، وطافوا بهم في البلاد على وجه التنكيل بهم والإهانة لهم مدّة 70 يوما ، ثم أودعوا السجن ، وأخيرا تمّ إرسالهم إلى بلادهم لينذروا قومهم ما حلّ بهم وليكونوا عبرة لبقيّة الملوك والحكّام..
<><> والغريب هنا فإنّ الناس ببلاد بيت المقدس لم يعتبروا ممّا حصل لهم مع عدوّهم!! بل انهم ما إن مات ملكهم[حزقيا] حتى مرَج أمر بني إسرائيل ، واختلطت أحداثهم، وكثر شرّهم، غير مُهتمّين بنبي الله تعالى [شعيا] الذي وعظهم وذكّرهم وأنذرهم بأس الله وعقابه إن خالفوه وكذّبوه.. فإعتدوا عليه وقتلوه..
<(!*!)> وبعد النبي [شعيا بن أمصيا] خلفه النبي [ارميا بن حلقيا] من سبط لاوي بن [يعقوب] عليهم السلام..
<(!*!)> قال المؤرِّخ هشام بن محمد بن السائب الكلبي: كان الملك ((بهمن)) ملك الفرس قد بعث [(بُختُ نصّر)] لقتال بني إسرائيل بالشام وذلك لتعدِّيهم على رُسُله إليهم.
فقدم [(بُختُ نصّر)] الى بيت المَقْدِس فصالحه ملكها، وكان من آل داود، وصانعه عن بني إسرائيل، وأخذ منه [(بُختُ نصّر)] رهائن ورجع.. فلما بلغ (بُحيرة)"طبريّة" بلغه أن بني إسرائيل ثاروا على ملكهم فقتلوه، لأجل أنه صالحه .. فضرب (عندئذ) رقاب من معه من الرهائن، ورجع إليهم (اي الى بيت المَقْدِس) فأخذ المدينة عنوة.. فقتل المقاتلة، وسبى الذُرّيّة.
<(!*!)> قال إبن كثير: وساق السبايا فبلغ معه عدد صبيانهم من أبناء الأحبار والملوك (وكبار القوم) 90 الف غلام.. وقذف في بيت المقدس الكناسات (اي القمامة وما يُكنس)، وذبح فيه الخنازير.
<(!*!)> قال وهب بن منبه: فلما فعل ما فعل (بُختُنصّر بأهل بيت المقدس)، قيل له: (( كان لهم صاحب يحذّرهم ما أصابهم، ويصفك وخبرك لهم، ويخبرهم أنك (س)تقتل مقاتلتهم، و(س)تسبي ذراريهم، و(س)تهدم مساجدهم، و(س)تحرق كنائسهم..فكذبوه واتهموه وضربوه وقيّدوه وحبسوه)).
==> فأمر بإخراج (النبي)[أرميا] من السجن، ــ وقال له: (((أكنت تحذّر هؤلاء القوم ما أصابهم)))؟؟
ــ قال: ((نعم)).. ــ قال: (((فأنّى علِمتَ ذلك)))؟ ــ قال: ((أرسلني الله إليهم فكذبوني)).
ــ قال: (((كذّبوك وضربوك وسجنوك)))؟؟ ــ قال: ((نعم)).
ــ قال: (((بئس القوم قوم كذبوا نبيهم، وكذبوا رسالة ربهم، فهل لك أن تلحق بي فأكرمك وأواسيك، وإن أحببت أن تقيم في بلادك فقد أمنتك))).
ــ قال له أرميا: ((إني لم أزل في أمان الله منذ كنتُ، لم أخرج منه ساعة قط، ولو أن بني إسرائيل لم يخرجوا منه لم يخافوك ولا غيرك، ولم يكن لك عليهم سلطان))..
==> فلمّا سمع [(بختُ نصّر)] هذا القول منه تركه..
<(!*!)> قال الكلبي: بلغني أنّ [(بُختُ نصّر)] وجد في السجن النبي[أرميا] فأخرجه،، وقصّ عليه ما كان من أمره إياهم، وتحذيره لهم عن ذلك فكذّبوه وسجنوه..
==> فقال له بخت نصر: (((بئس القوم قوم عصوا رسول الله))).. وخلّى سبيله، وأحسن إليه..
<><> واجتمع إلى النبي ارميا من بقي من ضُُعفاء بني إسرائيل..
==> فقالوا: ((إنا قد أسأنا وظلمنا ونحن نتوب إلى الله عز وجل ممّا صنعنا، فأدع الله أن يقبل توبتنا))..
<><> فدعا ربّه.. فأوحى الله إليه أنه غير فاعل (غير قابل لتوبتهم حتى تكون توبة صادقة).. وأعلمه بأنه ((إن كانوا صادقين فليقيموا معك بهذه البلدة)).
<><> فأخبرهم ما أمره الله تعالى به..
ــ فقالوا: ((كيف نقيم بهذه البلدة وقد خرجت وغضب الله على أهلها))؟ فأبوا أن يقيموا.
<(!*!)> قال إبن الكلبي: ومن ذلك الزمان تفرّقت بنو إسرائيل في البلاد..
فنزلت << ــ طائفة منهم الحجاز، وــ طائفة يثرب، وــ طائفة وادي القرى>> (أي بالمملكة العربية السعودية)..
وذهبت << ــ شرذمة منهم إلى مصر >>، فكتب [بخت نصر] إلى ملكها يطلب منه من شرد منهم إليه، فأبى عليه، فركب في جيشه فقاتله وقهره وغلبه وسبى ذراريهم.
<(!*!)> قال المؤرِّخ إبن كثير : دخل [(بختُ نصّر)] بجنوده بلاد الشام كلها.. فقتل بني إسرائيل حتى أفناهم.. ثم ركب إلى بلاد المغرب، حتى بلغ أقصى تلك الناحية.
ثم انصرف (راجعاً الى بلاده بفارس) بسبي كثير من ((أرض المغرب، ومصر، وأهل بيت المقدِس، وأرض فلسطين، والأردن))، و(كان) في السبي النبي [دانيال] عليه السلام وغيره من الأنبياء .
*** قال الله تعالى: {{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً}}. سورة الإسراء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والى متابعة هذه الإضاءات التاريخية بإذن الله
وتقبّلوا جميل تحياتي ،،، المستشار محمد الأسعد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق