الاثنين، 18 فبراير 2013

[(رقم 1)] ((النبيّ [آدم] وقصّة ولدَيْه [قابيل وهابيل] ثم خلافة النبي [شيث] بالنبوّة.))

  إضاءات تاريخية هامّة على البشريّة منذ بدايتها ـ من [النبيّ آدم] وحتى [نبيِّنا محمد] عليهم الصلاة والسلام..وقصّة آدم عليه السلام ووفاته ثم خلافة إبنه
  النبي [شيث] بالنبوّة..وقصّة [قابيل وهابيل] أبناء [آدم وذكر بعض الفوائد والعِبَر المُهمّة من قصتهما))

<(!*!)> لقد بعث اللّه تعالى أبو البشريّة النبيّ "آدم" عليه السلام الى أولاده وأحفاده ومن تبعهم في زمانه..
==> جاء في كتاب الكامل لابن الأثير بأنّ الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض .. فجاء بنو آدم على قدر الأرض.. منهم الأحمر والأسود والأبيض وبين ذلك.. ومنهم السهل والحزن وبين ذلك.
وإنما سُمّي [آدم] لأن
جسده خُلِق من أديم الأرض ..
==> وفي حياته بعث الله إبنه النبيّ "شيت" عليه السلام (ومعنى [
شيت
] هو[هِبَة الله] فقد وهبه الله لهم من بعد مقتل شقيقه ، ذلك الشاب الصالح [هابيلٌ])..
<(!*!)> وكان [شيت] عليه السلام عونا لأبيه بالنبوّة المباركة بعد ان كثُر اخوانه وذراريهم وإنتشروا في البلاد ، وهو أوّل من بنى الكعبة .. وإليه تنتهي أنساب بني آدم كلهم‏.‏ 
==> ثم وفي زمن "آدم وشيت" بعث الله حفيدهما النبيّ "ادريس"عليه السلام.. فتتلمذ عليهما ، وإستفاد كثيرا من علمهما الربّاني الذي تبلّغاه بواسطة الوحي.. وكان ادريس نبيا
وحكيما وملكا على مناطق الصعيد بمصر..(وستأتي قصّته لاحقا بإذن الله).

<(!*!)> ذكر المؤرِّخ الكبير إبن جرير الطبري في تاريخه بأنّ [حواء] ولدت لـ [آدم] 40 ولداً في 20 بطناً‏.. أوّلهم‏ [قابيل] وأخته قليما ، وآخرهم‏ عبد المغيث وأخته أم المغيث..‏ ثم انتشر الناس بعد ذلك وكثروا وامتدّوا في الأرض..
ــ واختلف العلماء عمّا إذا وُلِد لآدم وحواء أولاد‏ بالجنّة ؟‏ فقيل‏:‏ ولد لهما فيها قابيل وأخته قليما ‏، والله أعلم‏.. وقيل‏:‏ لم يولد لهما إلا في الأرض، وهذا الذي أرجّحه أنا، وذلك لعدم وجود دليل صحيح يُثبت عكس ذلك..
<*!*> وكانت حواء تنجب في كل بطن ذكر، وأنثى‏ ..‏ وكانوا عمالقة ، حيث كان طول الواحد منهم 60 ذراعا ،، أي 35 متر تقريبا..
<*!*> وكانت الشريعة السماوية تحرّم زواج الأخ من أخته التي ولدت معه، بل تبيح له الزواج من أي أخت من غير التوأم، اي ممن ولدن قبله أو بعده..
<*!*> عن إبن عبّاس، وغيره من الصحابة‏ قالوا :‏ (( ان آدم كان يزوّج ذكر كل بطن بأنثى الأخرى، وأن [هابيل] (الإبن الأصغر) أراد أن يتزوّج بأخت [قابيل] ..
<*!*> فطلب آدم عليه السلام من قابيل أن يزوّجه إياها ، فأبى ذلك .. لأنه كان يحسده ويغار منه على النعم الكثيرة التي أعطاه إياها ربّ العالمين..
فقد كان [هابيل] تقيّا صالحا، ولديه مال وخير كثير، وعنده قوة عظيمة..

<*!*> فأمرهما والدهما أن يقرّب كل منهما قُرباناً‏ إلى الله ليتبيّن من المصيب منهما .. ومن القريب الى الله تعالى..‏
ــ فقرّب [هابيل] شاة سمينة من أفضل ما عنده.. وكان صاحب غنم،،
ــ وقرّب [قابيل] حزمة من زرع من رديء زرعه ،،

<(**)> فنزلت النار، فأكلت قربان هابيل،، وكانت هذه القاعدة مُتّبعة لمعرفة عمّا إذا كان الله تعالى قد قبل ما يَتقرّب إليه العبد أم لا ؟؟ وكانت النار تنزل من السماء فتأكل القربان (أي تحرقه كلّيا ولا تترك له أي أثر) هذا في حال قبوله، وإلاّ تتركه وشأنه ولا تنزل اليه.
<(**)>
ولما تركت النار قربان قابيل .. غضب وإمتلأ حسدا ، وقال‏ لأخيه هابيل :‏ ((لأقتلنّك)) ..
###> وكان هابيل أقوى وأشدّ من أخيه الكبير قابيل، وكان من السهل عليه أن يبطش به لو أراد ذلك ، ولكنه تورّع أن يقابله بالسوء الذي أراده هو منه ، بل كان على خُلق حسن ودين ، وعلى خوف من الله تعالى ..‏
##> فقال‏ هابيل:{{‏ لَئِنْ بَسَطْتَّ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ‏}}‏ ‏‏المائدة‏:‏ 28‏‏
وقال له أيضا ‏:‏ ‏{{ ‏إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ }‏}‏ ‏المائدة‏:‏ 29‏
*********************

###> فلما كان ذات ليلة أبطأ هابيل في رعي غنمه ، فبعث آدم اليه قابيل لينظر ما أبطأ به ؟!! فلما ذهب إذا هو به ،،
==> فقال له‏ بغيرة وحسد:((لقد‏ تقبّل الله منك ولم يتقبّل منـّي))!
==> فقال هابيل ‏:{{ ‏إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ‏}}‏..
==>فغضب قابيل عندها وضربه بحديدة كانت معه فقتله.
==> ولم يَعُد الى صوابه إلاّ بعد أن عصى الرحمن وأطاع الشيطان ووقعت المصيبة الكبيرة ..
<##> فأخ يقتل أخيه ظُلما وعدوانا ، وبدون أي سبب سوى الحسد وإتباع الهوى وتضليل إبليس عدوّ أبيه ، وعدوّه ، وعدوّ بني آدم إلى قيام الساعة !!!
<##> وبعد أن رحل عنه إبليس اللعين متبرّءاً من عمله الذي أوحاه له،وشجّعه عليه..ثم تركه ليواجه غضب الله وعذابه ..
<##> فإسودّت الدنيا وأظلمت في عينيه ، وندم ندماً عظيماً على عمله الشيطاني.. وهنا عاد إلى رشده وعقله وما تربّى عليه من طيبة وخير وصلاح..
<##> ولهذا نجده بأنه لم يترك شقيقه وينصرف بعد مقتله كما يفعل عادة الخصوم ..
<##> بل حمله بين يديه وإحتضنه بحنان الأخوّة كالمجنون ، ولم يعد يعرف ما يفعل به !!!
*** وأراد الله تعالى أن يعلّمه هو وغيره ، كيف يتم التصرّف بالموتى ،، لأن هابيل كان أوّل من يموت على الأرض من البشر ..فبعث الله ل
قابيل غُُرَابَيْن ‏، وكانا أخوَيْن أيضا ،، فتقاتلا مع بعضهما ، فقتل أحدهما الآخر، ثم عمد فحفر له حُفرة فألقاه فيها ودفنه وواراه.
<##> فلما رآه قد صنع ذلك ، قال قابيل ‏:{{ يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي }}؟؟؟ ففعل مثل ما فعل الغراب، فواراه ودفنه‏.‏
*** قال تعالى‏:‏ {{ ‏فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ}}.المائدة‏:‏31‏‏

#################################

(( النبي [شيث]  وقصّة وفاة والده
[آدم] عليهما السلام )) 
###> النبي [شيث] هو ثاني نبي من انبياء الله ، حبث ورث النبوّة الطاهرة من والده النبي [آدم] عليهما السلام ، الذي هو أبو البشريّة كلّها..
===> ومعنى [شيث] هو : ((هِبَةُ الله)) .. وسُمي بذلك لأن آدم وحواء رُزقاه بعد مقتل ولدهما الصالح والمُسالم "هابيل‏" الحبيب الذي قتله شقيقه "قابيل" ظُلما وعُدوانا.
===> وذكر ابن كثير في البداية والنهاية بأن الله تعالى أنزل على الأرض 104 صحيفة‏ وكان حصة [شيث] منها قريبا من النصف ،، فقد أنزل الله عليه خمسين صحيفة ..‏
*** روى أبو ذرّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ انه قال :‏
‏[[‏إن الله أنزل مائة صحيفة وأربع صحف‏]].‏
رواه ابن حبان في ‏صحيحه‏ ..
###> قال محمد بن إسحاق‏: لمّا حضرت آدم الوفاة عهد إلى ابنه شيث وعلّمه ساعات الليل والنهار، وعلّمه عبادات تلك الساعات، وأعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك‏،،‏
>>> وقال إن إنساب بني آدم اليوم كلها تنتهي إلى [شيث]،،وأن سائر أولاد آدم غيره إنقرضوا وبادوا،والله أعلم ‏.
(البداية والنهاية‏‏ ج/ص‏:1/110‏)‏..
###> ولما توفـّي آدم عليه السلام ، وكان ذلك يوم الجمعة، جاءته الملائكة بحنوط وكفن من عند الله عزّ وجلّ من الجنّة‏.‏ وعزّوا فيه إبنه ووصيّه شيث عليه السلام‏.‏.
وكُسفت الشمس والقمر سبعة أيام بلياليهنّ‏..‏
###> ونقل عبد الله بن الإمام أحمد‏ بن حنبل عن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه قال‏:‏
إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه‏:‏ ((أي بني ؛ إني أشتهي من ثمار الجنّة))..
قال‏:‏ فذهبوا يطلبون له، فإستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم (عدّة الدفن والحفر) المساحي والمكاتل،،،
===> فقالوا لهم‏:‏ (( يا بني آدم: ما تريدون وما تطلبون‏؟‏
أو ما تريدون، وأين تطلبون‏ ))؟؟‏
<><> قالوا‏:‏ ((أبونا مريض وإشتهى من ثمار الجنة‏ )).‏
===> فقالوا لهم‏:‏ (( إرجعوا،،، فقد قضى أبوكم (اي انتهى اجله ولن بتمكن من اكل ما طلبه منكم) ))..
===> فجاءت الملائكة إلى آدم .. فلما رأتهم [حواء] عرفتهم ، فلاذت بآدم ( أي أرادت ان تحميه وتفتديه بنفسها وذلك لوفائها الكبير له ، ولألم الفراق بعد صحبة ومودّة وشراكة بينهما دامت ألف سنة). 
###> فقال‏ لها آدم :‏ (( إليك عنّي ، فإنّي إنما أُتيت من قِبَلك ( أي عندما رغّبته بالأكل من الشجرة بالجنّة وتم إخراجهما من هناك بسبب طلبها ذلك منه والحاحها عليه) ،، فخلّي بيني وبين ملائكة ربي عزّ وجلّ )).
فقبضوه، وغسلوه، وكفنّوه، وحنطّوه وحفروا له ولحدوه، وصلّوا عليه، ثم أدخلوه قبره، فوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه التراب..
===> ثم قالوا : (( يا بني آدم هذه سنّتكم ( اي في دفن الموتى ) )) ..
والحديث إسناده صحيح إلى ذلك الصحابي كما قال إبن كثير‏.‏
###> وقال عطاء الخراساني‏:‏ لما مات آدم بكت الخلائق عليه سبعة أيام‏ .‏
>>> وماتت حواء بعده بسنة واحدة‏ ،، وعاش كل منهما الف سنة.‏

###> فلما مات آدم عليه السلام ، قام بعده ولده شيث عليه السلام‏ بأعباء الأمر من تعليم وإصلاح ودعوة وتوجيه وتبليغ وحي السماء إلى أولاده وإخوانه وأولادهم وكافة الأحفاد
.
############

{(وهناك عدّة عِبَر وفوائد هامّة نأخدها من هذه القصة القرآنية)}:
1- إنّ قتل النفس البريئة توجب النار ..
2 - ويجب ان نتعامل مع الآخرين بالطيبة والتسامح والعفو والصفح ،، والإبتعاد عن الغضب والظلم والتعدّي والحسد وإتباع الهوى وتضليلات إبليس..
3 - والأفضل أن يكون أحدنا مع إخوانه ((المقتول لا القاتل))، كما أوصى رسول الله صلى الله عليه بقوله : [[ كن كإبن آدم‏ ]]
أو [[ كن كخير إبنَيّ آدم‏ ]] وهو هابيل.
4 - [[‏ إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار]] .. لذلك يجب علينا الإنتباه والحذر الشديد من التهاون في دماء الناس وقتالهم ..
5 - الإلتزام بوصية رسول الله صلى الله عليه في الإستخارة .. فعن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله يعلمنا الاستخارةَ في الأمور كلِّها كما يعلمنا السورةَ من القرآن ،
يقول : [[ إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : "اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علاّمُ الغيوب ،
ــ اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر(ويُسمّي حاجته)) خيرٌ لي في ديني ومعاشي ومعادي وعاقبةِ أمري، أوقال: عاجله وآجله ـ فأقْدُرْهُ لي ويسّره لي ثم بارك لي فيه ."
ــ اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري ـ أو قال:عاجله وآجله ـ فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقْدُر لي الخيرَ حيثُ كان ثم رضِّنِي به]].
رواه البخاري.
<><> أي علينا اللجوء إلى الله وطلب المعونة منه والإلهام لخيري الدنيا والآخرة بما يشغل بالنا ويضايقنا .. ثم أخذ رأي أهل العلم والخبرة والتخصّص وما شابههم من أهل الحكمة والمشورة .. فلو أن قابيل إستشار والده النبي آدم عليه السلام بما كان يشعر به من حسد وغلّ نحو أخيه هابيل ، ما كان ليقدم على تلك الجريمة النكراء العظيمة والعياذ بالله من غضبه ..
*********************

*** وعن سعد بن أبي وقّاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ [[ ‏إنها ستكون فتنة ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ]]..
قال سعد‏:‏ (( أفرأيت إن دخل عليَّ بيتي فبسط يده إليّ ليقتلني ))؟؟
فقال‏:‏ [[ كن كإبن آدم‏ ]]‏‏.
‏ مسند أحمد وأبو داود والترمذي
*** وفي رواية أبي ذرّ : [[ كُنْ كخيرِ إبنَيّ آدم‏ (وهو هابيل) ]] صحيح مسلم .‏
*** وثبت في ‏الصحيحين‏ عن أبي بكرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏: [‏[ إذا تواجه المسلمان بسيفيهما،فالقاتل والمقتول في النار]]‏.‏
قالوا يا رسول الله‏ :‏ ((هذا القاتل، فما بال المقتول ))‏؟‏؟
قال‏:‏ [[إنه كان حريصاًً على قتلَ صاحبه‏]]‏‏
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والى متابعة هذه الإضاءات التاريخية في القريب بإذن الله.

وتقبّلوا جميل تحياتي ،،، المستشار محمد الأسعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق